إن وصلت عقارب الساعة إلى الثانية عشر بعد منتصف الليل، حتى سمع علاء صوت رنين هاتفه النقال (الجوال), فأمسكه ليشاهد رقماً غير مسجل لديه... أسرع علاء بالإجابة على الاتصال...
علاء: ألو
(...): ألو مرحبا
تفاجئ علاء لكونه صوت فتاة
علاء: أهلا وسهلاً ..
(...): كيفك.. أنا زهقانه وحابه أتسلى معك .. ممكن؟؟
تردد علاء في الإجابة...
علاء: ط.. ط . طبعاً وبكل سرور ... وأنا كمان زهقان
(...): شكراً ياحبيبي.... أنا إسمي مي من الناصرة
علاء: وأنا إسمي رامي من "غزة"
مي: .....
علاء:....
بصوتها الناعم وكلماتها الرقيقة بدأت (مي) اتصالها مع علاء عبر الجوّال، استمر لأكثر من ربع ساعة في المرة الأولى.
(مي) وعلاء قصة واقعية حدثت تفاصيلها في فلسطين تتحدث عن كيفية توظيف المخابرات للفتيات الساقطات للإيقاع بالشباب المراهق عبر المكالمات الهاتفية.
"علاء" شاب فلسطيني طائش في العقد الثاني من العمر، ترك الدراسة بعد الصف السابع، يسعى دائماً للحصول على تأشيرة سفر تساعده في الانتقال إلى خارج البلاد للالتقاء ببعض الاصدقاء الذين تعرف عليهم عن طريق الدردشة على الانترنت.
حيث كانت مواقع التواصل الاجتماعي هي ملاذ علاء في الترويح عن نفسه وتكوين علاقات وصداقات افتراضيه، ولم يُخفِ علاء اهتماماته ورغباته في صفحته على الفيس بوك ..الأمر الذي أهل علاء لأن يكون صيداً وفيراً للمخابرات الصهيونية.
استمر الاتصال بين (مي) وعلاء لأكثر من شهرين إلى أن تعلق بها لدرجة أنه كان يتصل بها مرتين يومياً لسماع صوتها, وفي المقابل أبدت (مي) نفس الشعور اتجاهه إلى أن اوصلته لطلب الارتباط بها كزوجة لا يمكن الاستغناء عنها، إلا أن هناك عقبتين في طريقه : المال، و الجغرافيا (الحدود والسكن).
فأرسلت (مي) إليه مبلغاً من المال لتساعده في عمل الإجراءات الازمة لتجهيزات الانتقال إلى داخل الخط الاخضر، بالإضافة لدفع ثمن مكالمات (كروت) للتواصل معها.
شاؤول .. فاعل الخير
وفي إحدى الليالي اتصلت (مي) بعلاء لتخبره أن ثمة رجل يريد الاتصال به ليرتب عملية الالتقاء داخل فلسطين المحتلة، وطلبت من علاء التجاوب مع هذا الرجل لأنه فاعل خير ومن أعز أصدقاء والدها، وقالت له ضروري التواصل معه ومعها، لإنهاء مسألة السفر.
اتصل صديق والدها و يدعى (شاؤول) يخبره أنه الرجل الذي سيساعده في الوصول لـ(مي) داخل فلسطين المحتلة، وطلب منه بعض البيانات اللازمة لإنجاز الاجراءات التي وصفها بالروتينية.
ففرح الشاب ورقص قلبه بذلك وبدأ بالاتصال على (مي) ليخبرها بما جرى مع (شاؤول)، فتظاهرت (مي ) بالفرحة، وطلبت منه مساعدة شاؤول لاختصار الوقت.
عاود شاؤول الاتصال على علاء طالباً منه بعض البيانات الشخصية حول اسمه، سكنه، عمله، مؤهلاته، انتمائه، علاقاته،.. إلخ، مؤكداً على ضرورة خلو سيرة علاء من العمل مع (المخربين) المقاومة، أو ما يمكن أن يؤثر على موقف المخابرات في إعطاء تصريح سفر له.
وبعد مرور أكثر من شهر لم تتغير الأحوال على علاء باستثناء اتصالات شاؤول- الذي وصف نفسه بصديق علاء- يسأله عن بعض المعلومات هنا وهناك، حول الاوضاع المعيشية للناس، الحصار، أنفاق رفح،.. إلخ.. إلا أن المدة بالنسبة لعلاء قد طالت..
علاء يعترف على حسن
بدأ علاء يشعر أن هناك أمر غير طبيعي وأن الفترة تجاوزت مسألة المساعدة في تحديد موعد السفر.. فاتصل علاء بـ(مي) شارحاً لها ما جرى، فطمأنه بألا يتعجل وأكدت على ضرورة التعاون مع شاؤول لأنه رجل صادق.
اتصل شاؤول بعلاء قائلاً له أن سبب تأخر موعد السفر هو ابن عمك (حسن) مسئول عن إطلاق عدد من الصواريخ على (سديروت)، ورفضوا اعطاء موافقة لسفرك لأنه قريبك .. فتسرع علاء وقال أنا لا علاقة لي به، ودائما كنا ننصحه بترك الصواريخ حفاظاً على حياته، فرد شاؤول لا تقلق فقد انهيت المشكلة مع المخابرات وقلت لهم لا علاقة لعلاء بحسن، وعلاء ملفه أبيض ويعمل في السليم.
حسن يثير مشكلة
بعد أسبوعين، اتصلت (مي) بعلاء طالبة منه اعطاء بعض المعلومات لشاؤول عن حسن لأن ضابط المخابرات الذي وافق على اعطاء موافقه للسفر قد تغير، وأن الضابط الجديد رفض طلبك للسفر، وشاؤول محرج لإخبارك بذلك، وطلب مني ان اوضح لك الصورة.. بدأ علاء التوجس مما يحصل حوله، وقد سيطرت الأسئلة على تفكيره إلى أن وصل به الأمر لعدم الرد على اتصالات شاؤول، وفي تلك اللحظة رن جوال علاء وإذ بشاؤول المتصل فتردد علاء لكنه لم يقطع الأمل.
فتح علاء الاتصال مع شاؤول، وبدأ شاؤول الاطمئنان عليه وعبر له عن الموقف المحرج بسبب تغيير رجل المخابرات، فطلب علاء من شاؤول ان يدخل في الموضوع بسرعة فطلب شاؤول معلومات عن ابن عمه (حسن) كعلاقاته، وطبيعة تحركاته وتواجده في البيت، فتردد علاء إلا انه تفاجأ أن (مي) تجلس بجانب شاؤول حين قالت لعلاء بلهجة متعاطفة معه - أرجوك تعاون مع شاؤول لأن ذلك في مصلحتنا (مي وعلاء).
وكانت (مي) تدعو بالاستمرار وتتدخل لتليين علاء لأن المصلحة تتطلب ذلك، واستمرت(مي) بالتدخل بنفس الطريقة مدة شهرين، الأمر الذي لم يلبي لعلاء ما حلم به فقرر ترك تلك القضية الخاسرة ليعود لما كان عليه في السابق قبل اتصال (مي)، وطلب من مي عدم الاتصال وايصال ذلك لشاؤول لأنه يماطل .
اتصال المخابرات
وفي صباح يوم سبت بينما كان علاء على يجلس على الانترنت رن الهاتف من رقم دولي (جديد) وإذ به شاؤول وعرف أنه من المخابرات، وبدأ بتهديد علاء بفضحه حول مشاركته في تقديم معلومات تسببت في محاولة اغتيال (فاشلة) لابن عمه حسن.
حيث حاول علاء الانكار إلا ان شاؤول اسمعه تسجيل لمكالمة سابقة تحدث فيها علاء عن حسن وعمله في المقاومة قبل شهرين، فما كان من علاء سوى الاستجابة.
ضابط جديد
بعد أسبوعين طلب (س) وهو ضابط مخابرات جديد من علاء التوجه إلى نقطة ميتة بالقرب من الحدود الفاصلة مع القطاع لاستلام أجهزة إلكترونية ومبلغ 500 شيكل.
العجيب في الأمر أن علاء طلب رؤية (مي) والحديث معها، فما كان جواب (س) سوى الضحك بصوت عال، وقال: "أي (مي ) فيهم؟؟ كل اللي عنا اسمهم (مي)!!"
بعد أكثر من 3 شهور من التواصل مع (س)، قام علاء بتسليم نفسه لإحدى فصائل المقاومة والتي بدورها سلمته للجهات المختصة، ومعه أحد الأجهزة الالكترونية التي أخذها من النقطة الميتة.
الله يحمي كل شباب المسلمين
تحياتي للجميع
ننــــنوش♥♥