الأوراق وإثناء البحث عثر على ورقة هي (بلاغ الشرطة) الذي بموجبه تسلمته
الشرطة الأردنية من مواطنة جاء اسمها في البلاغ (فاطمة صبيح هاشم الجودة).
وتاريخ
البلاغ 9/7/1987 ليبتسم ياسر ليس لإيجاده رأس الخيط فحسب بل لأنه تزوج في
9/7/2005 فيوم ضياعه كان يوم زواجه الذي أثمر عن ولد وبنتين.
قبل
حوالي الثلاث سنوات توفي والده الذي تبناه أبو يوسف الوحيدي، وعادت ام يوسف
للعيش في عمان ويقول ياسر :"لقد قدمت عائلة الوحيدي لي ما لم تقدمه أي
أسرة لابنها ولم يحرموني من أي شيء وتعاملوا معي بحنان واحترام وعلموني
ووفروا لي كافة الاحتياجات من بيت وزواج ولن انسى ما عملوه لي ما حييت" .
وبعد
ان عثر ياسر على الورقة قرر التوجه للأردن ومباشرة توجه في نفس يوم وصوله
الى مدينة اربد حيث عنوان المواطنة فاطمة الجودة والتي أنكرت في البداية
معرفتها بالموضوع الى حين واجهها بحقيقة الأمر وان لديه بلاغا رسميا من
الشرطة فيه اسمها الكامل وانه جاء من فلسطين يبحث عن عائلته الأصلية.
وبعد
جهد جهيد قالت له انها لا تتذكر سوى أنها وجدته في حي التركمان بإربد في
ليلة عرس لعائلة عشيرة السرحان الأردنية التي تبين إليك أن والدتك كانت
مستأجرة منزل عند هذه العائلة .
وذهب مباشرة إلى حي التركمان ووجد
عائلة السرحان التي ساعدته حتى أوصلته لشخص من المفترض ان يكون شقيقه وأمه
كانت متزوجة بشخص أخر قبل والده الذي انفصل عن والدته وتزوج من أخرى.
جلس
ياسر قبالة امرأة عجوز مريضة لا تقوى على الكلام ولا على السير ويتبادل
إطراف الحديث مع أشقائه في استعراض لقصته التي التقت تماما مع قصة ضياع ابن
هذه العائلة، ومن متاعب البحث انه كان طوال الوقت يبحث عن (ريان علي ) وهو
الاسم المكتوب في الوثيقة الصادرة عن الجهات الأردنية وهو اسم منحوه إياه
هناك في مؤسسة الرعاية ، واعتمد في الوثائق بينما كانت أسرته طوال الوقت
تبحث عن (ناصر راجه) وهذا طبعا ساهم في استحالة اللقاء لولا حصوله على ورقة
البلاغ لدى الشرطة وتحديد المرأة في اربد للمكان الذي وجدته فيه.
ففي
نفس التاريخ فقدت العائلة طفلها وفي نفس الحي وبنفس المواصفات ..لتدب
المشاعر الساخنة في عروق الحضور وطوال الوقت ينتظر ياسر إشارة من يد او
حركة من شفاه او نظرة من عين لكي يلمس ذاك الحضن الساكن للسرير بفعل المرض
والشلل والذي حرم منه لربع قرن .
وأخيرا يلتقط دمعة كأنها تخرج من
قاع بحر حبست في أعماقه ربع قرن لينطلق معها نحو رمال الشاطئ ويغطس برأسه
في أمواج حضن أمه وسط عاصفة من البكاء والمشاعر الجياشة للقاء الابن الضال.
وفي اليوم الثاني ذهب للجسر بغرض إحضار زوجته وأولاده وعندما عاد لمنزل
شقيقه وجد رجلا كبيرا يهجم عليه باكيا ومحتضنا ويقول له انا والدك وحاول ان
يشرح له ليتأكد أكثر الا ان الرجل قاطعه، وقال انه شاهد صورة في غيابه كان
قد احضرها ياسر معه في اليوم السابق والصورة للطفل الصغير التي كانت عائلة
الوحيدي قد صورته إياها بعد التبني بشهرين وهو نفس الطفل في الصور التي له
قبل الضياع بأيام والموجودة بحوزة الوالد مما لا يدعي مجالا للشك في انه
ابنه ناصر الذي ضاع قبل ربع قرن.
عاد يوسف لأريحا وهو يستعد
لإنهاء ارتباطاته هنا والمغادرة نحو عائلته الأصلية التي تضم 8 إخوة و5
أخوات ومن المفاجأة أيضا أن والده باكستاني حضر للأردن وتزوج من أردنية ذات
أصول فلسطينية ويعمل اليوم كمنفذ لمنشآت عمرانية.
وعن رد فعله لاكتشاف
أن أصله باكستاني وليس فلسطيني..... يقول ياسر من الجميل جدا أن تكون
فلسطيني لربع قرن وبغض النظر عن حقيقة كوني ذو أصول باكستانية الا إنني
افتخر أن دمي فلسطيني واعتز أكيد بأصولي الباكستانية وفلسطين في قلب كل
عربي وكل مسلم.
وعن الأسماء الثلاثة التي حملها (ياسر الوحيدي وريان علي
والاسم الحقيقي ناصر شرف راجه) يقول ان أحب الأسماء على قلبي هو ياسر لأنه
على اسم الزعيم الراحل ياسر عرفات.
الا ان هناك سؤالا يبقى عالقا
وهو لماذا لم تسلم المرأة (فاطمة صبيح) الطفل لعائلته بل أعطته للشرطة وهي
بالمناسبة كانت تسكن بجوار والدته.. فهل سرق الطفل في حينه ام فعلاً ضاع في
لحظة سهو؟؟!!