ولد وديع حداد الفلسطيني في مدينة صفد في العام 1927، وكان والده يعمل مدرساً للغة العربية في إحدى المدارس الثانوية في مدينة حيفا، وبحكم وجود والده في مدينة حيفا فقد تلقى تعليمه الابتدائي والاعدادي والثانوي في هذه المدينة. أثناء وجوده على مقاعد الدراسة بمراحلها المختلفة تميّز بذكائه المتقد ونشاطاته المميزة وتفوقه في مادة الرياضيات، كما أنه كان شابا رياضياً يمارس رياضة الجري وأنشطة رياضية أخرى.
نتيجة للمأساة التي حلت بالشعب الفلسطيني نتيجة النكبة عام 48، اضطر للهجرة من وطنه ولجأ مع عائلته ووالده إلي مدينة بيروت حيث استقر بهم المآل هناك، وفي هذه الأثناء التحق وديع بمقاعد الدراسة في الجامعة الأميركية في بيروت ليدرس الطب.
تولى موقعاً قيادياً في "جمعية العروة الوثقى"، ولاحقاً في "حركة القوميين العرب" وثم "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين". منذ التأسيس تولى الدكتور وديع حداد مهمات قيادية أساسية جداً في الجبهة، حيث أسندت له مهمتان رئيسيتان هما المالية والعمل العسكري الخارجي. وأثبت من خلالهما قدرات قيادية وعملية، حيث جسد شعار "وراء العدو في كل مكان".
خلال عمله في التنظيم الخارجي قاد خلايا تنشط في مختلف أنحاء العالم وكان وراء عمليات خطف الطائرات الشهيرة ومنها الطائرة لاندسهوت الألمانية، وترك وديع الصفوف قبل استشهاده عاشت قيادة الجبهة مع الشهيد خلافاً تنظيمياً مع د.حداد، إلا أن المؤتمر الوطني الخامس للجبهة أعاد الاعتبار التنظيمي له، باعتباره "رمزاً وطنياً وفلسطينياً فذاً قدم كل شيء في سبيل فلسطين التي حلم وعمل دائماً من أجل الوصول إليها بأقرب الآجال وبأقصر الطرق".
في 28 مارس عام 1978 في ألمانيا الشرقية واشيع انه توفي بمرض سرطان الدم. ولكنها بعد 28 عاما اعترفت إسرائيل مؤخرا وعن طريق أحد ضباط مخابراتها الذي كتب جزءا من حياته الاستخبارية بإنها اغتالته بدس السم له في الشيكولاتة عن طريق عميل عراقي كان يشغل منصب رفيع المستوى. ونقلت يديعوت أحرونوت عن المؤلف ان إسرائيل قررت تصفية حداد بداعي تدبيره اختطاف طائرة اير فرانس، كانت في طريقها من باريس إلى تل أبيب، إلى عنتيبي أوغندا عام 1976، وانه كان مسؤولاً عن سلسلة من العمليات الإرهابية الخطيرة.
واضاف: ان الموساد علم بشغف حداد بالشوكولاته البلجيكية التي كان من الصعب الحصول عليها انذاك في بغداد مقر اقامته. فقام خبراء الموساد بادخال مادة سامة بيولوجية تعمل ببطء إلى كمية من الشوكولاته البلجيكية، ارسلوها إلى حداد بواسطة عميل عراقي رفيع المستوى لدى عودة هذا العميل من أوروبا إلى العراق.
أشار المؤلف إلى ان عملية التصفية الجسدية هذه “كانت أول عملية تصفية بيولوجية” نفذتها إسرائيل. وتابع ان إسرائيل اتهمت حداد “الارهابي المتمرس ومتعدد المواهب” بأنه كان أول من خطف طائرة تابعة شركة الطيران الإسرائيلية “ال- عال” عام 1968 وتم الافراج عن الرهائن فقط بعد خضوع الحكومة الإسرائيلية لشرطه الافراج عن أسرى فلسطينيين.
كما اتهمه الموساد بالمسؤولية عن إنشاء علاقات بين التنظيمات الفلسطينية ومنظمات ارهابية عالمية ودعا افرادها للتدرب في لبنان، وكانت إحدى نتائجها قيام “الجيش الأحمر الياباني” "بمذبحة في مطار بنغوريون (تل أبيب) عام 1972".
ويتابع المؤلف ان اختطاف طائرة “إير فرانس” إلى عنتيبي كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، إذ قرر قادة الموساد وجهاز المخابرات العسكرية على الفور تصفية حداد، وصادق رئيس الحكومة في حينه مناحيم بيغن على العملية.
وأشار الكاتب، الذي عنون كتابه بـ “حساب مفتوح”، إلى ولع حداد بالشوكولاته، خاصة البلجيكية، وان إسرائيل عرفت كيف تستغل “ضعفه” هذا، واستعانت بعميل للموساد ليحمل معه من أوروبا شوكولاته بلجيكية، ولكن ليس قبل أن يدخل فيها عملاء موساد سمًا بيولوجيًا قاتلاً يظهر اثره بعد اسابيع من تناوله، ويؤدي إلى انهيار جهاز المناعة في الجسم.
واضاف انه بعد تصفية حداد سجل انخفاض حاد في عدد العمليات التي استهدفت إسرائيل في أنحاء العالم. وزاد ان الموساد رأى في عملية التصفية هذه تجسيدا لنظرية “التصفية الوقائية” أو تصفية قنبلة موقوتة تمثلت بـ “دماغ خلاّق لم يتوقف عن التخطيط للعملية المقبلة (حداد)”